سنلقي نظرة عامة على مفهوم الحد الادنى للاجور وأهميته في السياق الفلسطيني، يعتبر الحد الأدنى للأجور أحد السياسات الاقتصادية الهامة التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة للعمال. في فلسطين، يشكل الحد الادنى للأجور جزءًا أساسيًا من النقاش الاقتصادي والاجتماعي نظرًا لتأثيره المباشر على حياة العمال وأسرهم،تاريخيًا، فإن فلسطين قد اتخذت خطوات عديدة لتحديد الحد الادنى للاجور، وقد شهدت زيادات متتالية، ومع ذلك، فإن هناك تحديات ومشكلات تواجه تنفيذ وتطبيق هذه السياسات بشكل فعال،سيتم استكشاف تأثير الحد الأدنى للأجور على الاقتصاد والمجتمع في فلسطين، بالإضافة إلى تحليل التحديات والمشكلات المرتبطة بهذا الموضوع.
إقرار الحكومة برفع الحد الادنى للاجور في فلسطين
تمت الموافقة على التفاهمات التي توصل إليها المؤتمر الأول للحوار المجتمعي بشكل رسمي في جلسة مجلس الوزراء رقم (121)، حيث جاء في القرار أن يتم تحديد الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق دولة فلسطين على النحو التالي:
– الحد الأدنى للأجر الشهري في جميع مناطق دولة فلسطين وفي جميع القطاعات هو 1880 شيقلًا شهريًا.
– اليومي لعمال المياومة، وخاصة العاملين بشكل يومي غير منتظم، بالإضافة إلى العمال الموسميين هو 85 شيقلًا.
-لأجر ساعة العمل الواحدة للعمال المشمولين في البند “2” هو 10.5 شيقل.
رحبت الأطراف الثلاثة في مجال الإنتاج بالقرار خلال مؤتمر صحفي، وأكدوا على عدة نقاط من ضمنها: استمرار الحوار بهدف دعم القطاعات الأكثر تضررًا والقطاعات الاقتصادية الضعيفة في تطبيق الحد الأدنى المقر، تفعيل اللجان الفرعية واللجنة الوطنية للأجور لضمان تنفيذ القرار بشكل كامل، وتعزيز آليات الرقابة لتطبيق الحد الأدنى للأجور.
من الواضح من القرار الصادر عن مجلس الوزراء والبنود التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر الصحفي أن القرار الرسمي ملزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور، ولكنه غير ملزم لأي تفاهمات أخرى التي تمت بين الأطراف الثلاثة، على عكس قرار الحد الأدنى للأجور السابق رقم (11) لسنة 2012 الذي أشارت مادته الثانية إلى أن التفاهمات السابقة ملزمة لجميع أطراف الحوار.
من بين العناصر التي تم الاتفاق عليها في ذلك الوقت: اعتماد غلاء المعيشة كعلاوة دورية لجميع العاملين في مناطق السلطة الفلسطينية في بداية كل سنة، والتحرك نحو دعم القطاعات الضعيفة من قبل الحكومة لضمان استمراريتها في ظل تطبيق الحد الأدنى للأجور، وتفعيل اللجان الفرعية والمركزية للرقابة لضمان تنفيذ القرار بشكل كامل، مع وضع الآليات الرقابية المناسبة.
على الرغم من التزامية القرار بتطبيق التفاهمات، فإنها لم تتم تطبيقها بعد تاريخ إقرار الحد الأدنى للأجور الجديد 1880 شيقل، وبالنظر إلى غياب أي مادة تلزم بتطبيق التفاهمات السابقة، يثير هذا الأمر القلق بشأن جدية الحكومة في تطبيق الحد الأدنى للأجور بطريقة تضمن تنفيذها بشكل فعال دون المساس بمصالح أصحاب العمل أو العمال.
الاجور في القطاع الخاص في فلسطين
-بعد صدور قانون العمل الفلسطيني عام 2000، الذي أشارت إحدى مواده إلى ضرورة تحديد الحد الادنى للاجور، بدأت اللجنة الوطنية للأجور، التي تم تشكيلها وفقًا لأحكام القانون.
-انتهت مباحثات اللجنة الوطنية بعرض توفيقي من قبل وزير العمل بتحديد الحد الأدنى للأجور شهريًا بمبلغ 1450 شيقل.
-أقر مجلس الوزراء هذه التوصية بقرار رقم (11) لسنة 2012، الذي نص على تحديد “الحد الأدنى للأجور الشهري في جميع مناطق السلطة الفلسطينية وفي جميع القطاعات بمبلغ 1450 شيقل، بالإضافة إلى تحديد الحد الأدنى للأجور لعمال المياومة، وخاصة العاملين بشكل يومي غير منتظم إضافة إلى العمال الموسميين بمبلغ 65 شيقل يوميًا، وتحديد الحد الأدنى للأجور لساعة العمل الواحدة للعامل بمبلغ 8.5 شيقل”.
-مع مرور حوالي تسع سنوات على هذا القرار، وجد أن الأجر الوسيط اليومي في الأراضي الفلسطينية قد وصل إلى 115.4 شيقل في عام 2020، وهو أجر يعتبر مرتفعًا بالنسبة للحد الأدنى المحدد في القانون والذي يبلغ 65 شيقل يوميًا.
-تظهر التقسيمات الجغرافية للأجر الوسيط اختلافًا، حيث يبلغ الأجر الوسيط في قطاع غزة 40 شيقل يوميًا، وفي الضفة الغربية 107.7 شيقل يوميًا، بينما يصل الأجر الوسيط للعمال في إسرائيل والمستوطنات إلى 250 شيقل يوميًا.
بالنظر إلى الاختلافات في الأجر الوسيط اليومي بين النشاطات الاقتصادية المختلفة، وتوزيعها الجغرافي، يظهر أن الأجر الوسيط في قطاع الخدمات هو الأعلى (94 شيقل يوميًا)، بينما يعتبر قطاع الزراعة والصيد هو الأدنى (20 شيقل يوميًا) في قطاع غزة.
-في الضفة الغربية، سجل قطاع الخدمات وقطاع النقل والتخزين الأجر الأعلى (115.4 شيقل يوميًا)، بينما سجل قطاع الزراعة والصيد الأجر الأدنى (83.3 شيقل يوميًا).
-فيما يتعلق بالالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور، يظهر أن 27.9% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في عام 2020 يتقاضون أجرًا شهريًا أقل من الحد الأدنى المقر في فلسطين، حيث بلغت نسبة الالتزام بالحد الأدنى في الضفة الغربية 7.4% بأجر شهري يبلغ 1078 شيقل، وفي قطاع غزة بلغت 81.1% بأجر شهري يبلغ 662 شيقل.
أقرأ ايضاً: دخول تركيا بدون فيزا للفلسطينيين | ما هى الفوائد للفلسطينيين
الحد الادنى للاجور في فلسطين
-تطالب العديد من العاملين في فلسطين بضرورة رفع مستوى الحد الأدنى للأجور، خاصة في عدة قطاعات منها قطاع الإعلام، والخدمات، والزراعة، وقطاع الغزل والنسيج، ورياض الأطفال، ومن بين المطالبين، طالب الصحفيون بضرورة تحصيل علاوة المخاطرة، نظرًا للمخاطر التي يتعرضون لها أثناء تغطية الأحداث اليومية.
-تشير التقارير إلى أن الأجور التي يتلقاها العاملون من النساء في فلسطين، خاصة في قطاع التدريس في مرحلة رياض الأطفال، تتراوح بين 700 و 1400 شيقل شهريًا، ويلاحظ أن العديد منهن لا يحصلن على الحد الأدنى من الأجر، خاصة المقيمات في قطاع غزة، وكذلك المقيمات في الضفة الغربية والقدس، حيث تصل نسبتهن إلى حوالي 45% من العاملات في القطاع الخاص.
-في قرار ساري المفعول، أقر مجلس الوزراء زيادة الحد الأدنى للأجور في فلسطين، حيث تم تعديله ليصبح حوالي 1880 شيقل بدلاً من 1400 شيقل، يستفيد من هذه الزيادة حوالي 180 ألف عامل من الذكور والإناث في القطاع الخاص، بالإضافة إلى 25 ألف عامل من الذكور والإناث في القطاع الحكومي.
رفع الحد الادنى للاجور
-ليس غسان وحده الذي يعاني من قلة الاجور، بل يشمل هذا الوضع نحو 250 ألف عامل في القطاع الفلسطيني الذين لا يتلقون الحد الأدنى للأجور، هذه الظاهرة غير مقبولة أساسًا وفقًا للقانون الفلسطيني، الذي يلزم أرباب العمل بالامتثال لهذا الحد الأدنى، ويعاقب من يخالفه.
-في إطار قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000، فإن المادة 89 تلزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي يتم تحديده من قبل لجنة الأجور ويعتمده مجلس الوزراء، ويعاقب من يخالف هذا القرار بموجب القانون.
-في عام 2012، أقر مجلس الوزراء الفلسطيني التوصية التي أعدها اللجنة الوطنية للأجور، والتي تضم وزراء المالية والاقتصاد والتخطيط والعدل والعمل، إلى جانب ممثلين عن أصحاب العمل والعمال.
-قد فرضت هذه التوصية حدًا أدنى لأجور العمال في فلسطين بقيمة 420 دولارًا شهريًا للعمال الذين يتقاضون راتباً شهريًا، و20 دولارًا لأولئك الذين يتلقون أجرًا يوميًا، و2.5 دولار للعاملين بنظام الساعة.
-قد قامت الحكومة برفع هذا الحد في العام الحالي إلى 580 دولارًا، وهو ارتفاع بنسبة 30 في المئة.
العقوبة في حالات عدم تطبيق الحد الادنى للاجور
-في حال عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور كما أقرته الحكومة في فلسطين، يعرض صاحب العمل للمحاكمة القضائية، ويُفرض عليه الحد الأدنى المعتمد في المحافظات الشمالية والجنوبية، باستثناء قطاع غزة.
-يأتي هذا القرار تعبيرًا عن حرص ووعي الحكومة الفلسطينية تجاه الأوضاع الاقتصادية، خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا والاستعمار الإسرائيلي الذي يضغط على البلاد.
الختام
يظهر أن قضية الحد الأدنى للأجور في فلسطين تبقى قضية مهمة وملحة تتطلب اهتمامًا مستمرًا من الحكومة والأطراف ذات الصلة، فالتزام القوانين وتطبيقها بشكل صارم يعكس العدالة الاجتماعية ويسهم في تحسين مستوى المعيشة للعمال،من خلال رفع الحد الادنى للاجور، يمكن تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الكرامة والعدالة الاجتماعية، كما يمكن أن يسهم ذلك في تحفيز الإنتاجية وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل،يجب أن تستمر الجهود المشتركة بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال في تعزيز حقوق العمال وتحقيق العدالة الاجتماعية .
